قصيدة : ( ليس الغريب )

ليس الغريب غريب الشام واليمن ان الغريب غريب اللحد والكفن ان الغريب له حق لغربته على المقيمين فى الأوطان والسكن لا تنه عن نظرى اذا حال غربته الدهر ينهره بالذل والمحن سفر بعيد وزاد لن يبلغنى وقوتى ضعفت والموت يطلبنى ولى بقايا ذنوب لست أعلمها الله يعلمها فى السر والعلن ما أحلم الله عنى حيث أمهلنى وقد تماديت فى ذنبى ويسترنى تمر ساعات أيامى بلا ندم ولا بكاء ولا خوف ولا حزن أنا الذى أغلق الأبواب مجتهدا على المعاصى

على المعاصى وعين الله تنظرنى يا ذلة كتبت فى غفلة ذهبت يا حسرة بقيت بالقلب تحرقنى دعنى أنوح على نفسى وأندبها وأقطع الدهر بالتنكير والحزن

ليس الغريب غريب الشام واليمين ان الغريب غريب اللحد والكفن ان الغريب له حق لغربته على المقيمين فى الأوطان والسكن

دعنى أنوح على نفسى وأندبها وأقطع الدهر بالتنكير والحزن دع عنك عزلى يا من كان يعزلنى لو كنت تعلم ما بى كنت تعذرنى دعنى أسح دموع لا أنقطاع لها فهل عسى عبرة منها تخلصنى كأننى بين ذل الأهل منطرحا على الفراش وأيديهم تقلبنى وقد تجمع حولى من ينوح ومن يبكى على وينعانى ويندبنى وقد أتوا بطبيب كى يعالجنى ولن أرى الطب هذا اليوم ينفعنى واشتد نزعى وصار الموت يجلب نار من كل عتق بلا رفق ولا هون وأستخرج الروح منى فى تضررها وصار ريقى مريرا حين غرغرنى وغمضونى وراح الكل وأنصرفوا بعد القياس وجدوا فى شرى الكفن وقام من كان حب الناس فى عجل نحو المغسل يأتينى يغسلنى

ليس الغريب غريب الشام واليمن ان الغريب غريب اللحد والكفن ان الغريب له حق لغربته على المقيمين فى الأوطان والسكن

وقام من كان حب الناس فى عجل نحو المغسل يأتينى يغسلنى وقال ياقوم نبغى غاسلا حابطا حرا أديبا قريبا عارفا فطنى فجاءنى رجلا منهم فجردنى من الثياب وأعرانى وأخرجنى وأودعونى على الألواح منطرحا وصار فوقى خرير الماء ينظفنى وأسكب الماء من فوقى وغسلنى غسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفن وألبسونى ثيابا لا كمام لها وصار زادى حنوتى حين حنطنى وأخرجونى من الدنيا فوأسفاه على رحيل بلا زاد يبلغنى وحملونى على الأكتاف أربعة من الرجال وخلفى من يشيعنى وقدمونى الى المحراب وأنصرفوا خلف الأمام فصلى ثم ودعنى صلوا على صلاة لا ركوع لها ولا سجود لعل الله يرحمنى


ليس الغريب غريب الشام واليمن ان الغريب غريب اللحد والكفن ان الغريب له حق لغربته على المقيمين فى الأوطان والسكن

صلوا على صلاة لا ركوع لها ولا سجود لعل الله يرحمنى وأنزلونى الى قبرى على مهل وقدموا واحدا منهم ينحضنى وكشف الثوب عن وجهى لينظرنى وأسبل الدمع من عينيه أغرقنى فقام محترما بالعزل مشتملا وصفف اللبن من فوقى وفارقنى وقال هل عليه الترب وأغتنموا حسن الثواب من الرحمان ذى المنن فى ظلمة القبر لا أم هناك ولا أب شفيق ولا أخ يؤنسنى وهالنى صورة فى العين أذ نظرت من هول مطلعها قد كان أدهشنى من منكر ونكير ما أقول لهم قد هالنى أمرهم جدا فأفزعنى وأقعدونى وجدوا فى سؤالهم الهى مالى سواك الهى من يخلصنى الهى فأمنن على بعفو منك يا أملى فأننى موثق بالذنب مرتهلى


ليس الغريب غريب الشام واليمن ان الغريب غريب اللحد والكفن ان الغريب له حق لغربته على المقيمين فى الأوطان والسكن

فأمنن على بعفو منك يا أملى فأننى موثق بالذنب مرتهلى

تقاسم الأهل مالى بعدما أنصرفوا وصار وزرى على ظهرى فأثقلنى وأستبدلت زوجتى بعلا لها بدلى وحكمته على الأموال والسكن وسيرت ولدى عبدا ليخدمه وصار مالى له حلا بلا ثمن فلا تغرنك الدنيا وزينتها وأنظر الى فعلها فى الأهل والوطن وأنظر الى من حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الحنط والكفن خذ القناعة من دنياك وأرضى بها لو لم يكن لك الا راحة البال يازارع الخير تحصد بعده ثمرا يا زارع الشر موقوف على الوزريا نفس كفى عن العصيان وأكتسبى فعلا جميلا لعل الله يرحمنى يا نفس ويحك توبى وأعملى حسنا عسى تجازينا بعد الموت بالحسن ثم الصلاة على المختار سيدنا ما وضأ البرد فى شام وفى يمن والحمد لله فىمسينا ومصبحنا بالخير والعفو والأحسان والمنن

ليس الغريب غريب الشام واليمن ان الغريب غريب اللحد والكفن ان الغريب له حق لغربته على المقيمين فى الأوطان والسكن