أثارت تصريحات فاروق حسني وزير الثقافة حول إمكانية قبوله دعوةً لزيارة الكيان الصهيوني إذا تم توجيه دعوة إليه غضَبَ العديد من الكتَّاب والمثقفين.
واعتبروا التصريحات محاولةً انتهازيةً من الوزير لكونه مرشحًا لليونسكو، رغم أن الوزير أعلن في وقت سابق عن عزمه حرق أي كتب "إسرائيلية"، وهو ما قابله اللوبي اليهودي بشنِّ حملة ضد الوزير لمنع توليه المنصب الدولي.
وقال الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل إن تصريحات الوزير بشأن زيارة الكيان الصهيوني "ليست مفاجأةً من ناحيته؛ فهو مرشح لتولي منصب رئيس اليونسكو، وهو يعتبر "تل أبيب البوابة الرئيسية لدخوله وتولي أي منصب عالمي، ووصف محاولة الوزير لتجميل صورته بالفاشلة وأنه لن يرأس اليونسكو.
وأضاف قنديل أن زيارة الكيان الصهيوني لا تتم بكلام من الوزير فقط، وإنما تتم بإذن مسبق؛ بل إنها أوامر من السادة الكبار ويتم تنفيذها دون مراجعة.
وحول تأكيد الوزير الفصل بين الزيارة ورفضه للتطبيع؛ علَّق قنديل بأن هذا الكلام استخفاف بالعقول، مضيفًا أن الوزير لا يعتبر التطبيع تطبيعًا، والتطبيع كما هو معروف إقامة علاقة طبيعية تضمن كافة أشكال التعامل الطبيعي بين طرفين، متسائلاً: هل ينتظر فاروق حسني أن يتولى منصب وزير الثقافة في "إسرائيل" حتى يعتبره نوعًا من التطبيع؟!
وحول اعتبار البعض تصريحات الوزير "بالون اختبار" لرفض الشعب المصري للتطبيع؛ قال قنديل: إن النظام الذي يصدِّر الغاز للكيان الصهيوني لا يحتاج إلى مثل هذه التصريحات للاختبار، مضيفًا أن النظام واضح الهدف منذ البداية في التعامل مع هذه القضية، مؤكدًا في نفس الوقت أن الوزير في هذا الكلام لا يعبِّر إلا عن نفسه؛ فهو كوزير ضمن هذا النظام الفاقد لشرعيته لا يعبر عن الشعب المصري.
ويقول د. جابر قميحة أستاذ الأدب العربي بالجامعات العربية: لم أندهش من تصريحات الوزير؛ فهو إذا لم يفعل ذلك فلن يكون فاروق حسني الذي نعرفه، وأضاف: إن الوزير لا تهمه مصر، ولا عقيدتها، ولا حتى ميزانيتها، متسائلاً: أليس هو من أنفق في احتفالات الألفية 100 مليون جنيه، والنتيجة كانت الخسارة الفادحة من أموال الشعب؟!
وقال: إن بعض المسئولين همّهم الأول إرضاء سادتهم، موضحًا أن السادة درجات، حسب الطريقة الهرمية؛ فهناك السادة المحليون، وهناك سادة عالميون في أمريكا والكيان الصهيوني.
واستنكر تصريحات الوزير التي تتزامن مع المذابح الصهيونية في غزة، والتي لا يملك النظام الحاكم، والوزير أحد أقطابه، إلا الشجب وإدانة حركة حماس!!.
وطالب د. قميحة الشعب بألا يعجب من أي قرار أو تصرف أو سلوك يصدر عن قيادات النظام الحاكم، متسائلاً: ما رأيكم في أستاذ للقانون يصرِّح "عيني عينك" بأنه لا يستطيع أن يعيش شهرًا واحدًا من غير قانون الطوارئ؟! معتبرًا هذه التصريحات إهانةً للشعب الذي يعتبره النظام لم يبلغ سن الرشد!!.
وحول علاقة الزيارة بالتطبيع قال د. قميحة: هذه سقطة للوزير في المعنى القانوني للتطبيع؛ فتعريفه بأنه أخذ النفس بتصرفات تدل في مجموعها على الرضا بالوضع القائم، والوزير لا يزور هنا دولة السعودية أو إيطاليا!!، موضحًا أن تصريحات الوزير لعب بالكلام، وأن الزيارة تطبيع مؤكد مع الصهاينة، والمفترض في وزير الثقافة أنه يمثِّل العطاء التاريخي والثقافي والتراثي للأمة كلها.
ويقول المفكر الكبير د. عبد الوهاب المسيري إنه إن كان الوزير بالفعل قال هذا الكلام فإنها تعتبر ثغرة في جدار مواجهة التطبيع مع الصهاينة، بما أنه وزير في الحكومة، موضحًا أن موقفنا ثابت من رفض التطبيع.
الإثنين 16 يونيو 2008, 4:58 pm