قوم يا مصرى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قوم يا مصري
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 صانع حياة :الداعية (1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
القلب الماسى




عدد الرسائل : 94
تاريخ التسجيل : 11/05/2008

صانع حياة :الداعية (1) Empty
مُساهمةموضوع: صانع حياة :الداعية (1)   صانع حياة :الداعية (1) Emptyالأحد 11 مايو 2008, 8:22 pm

تفرض المواقع المتقدمة الجديدة التى انتقلت إليها الدعوة الإسلامية العالمية وحازتها بفضل الله تعالى وقفة تأملية على أبنائها، يتدارسون خلالها أساليب تطوير العمل، وتجويد التخطيط، ومضاعفة الآثار الحسنة لبذلهم، والاحتفال بالمنحة الربانية الكريمة التى حباهم بها جزاء صبرهم فى المحن وثبات ألسنتهم وأقدامهم فى مقابلة الفتن.
وشرط نجاح هذه الوقفة الفاحصة إنما يكمن فى استعداد نفسى لى الدعاة للخروج من المألوف الموروث من الأساليب إذا أرشدت التجارب إلى ضرورة ذلك، وأدى النظر العقلى إلى اكتشاف خطأ.
وما يزال الدعاة بخير ما اذعنوا للمنطق ودفعهم الاجتهاد الحر إلى السير فى دروب الإبداع والتنويع، وهم فى جانب الأمنان والركن القوى بإذن الله ما استجابوا لمتطلبات الظروف وكانوا على مرونة تحقق التكيف مع المستجدات والاعتناق من تقديس التخطيط القديم.
و (نظرية صناعة الحياة) دعوة لمراجعة الرصيد، والجرى مع الفهم الجديد الذى بدأنا نفهم به العلاقات الحيوية وعوامل التأثير فيها وكيفية تقلبها فى مجاريها ومساربها، وهى استثمار لحقائق علمية تعلمناها من بعد جهل، واستعمال لمفاد أسرار اكتشفناها عبر انفتاح اجتماعى عالمى طرأ على سلوكنا من بعد عزلة حجبتنا، كما أنها نتائج لمقدمات غرستها الطريقة المنهجية التى ارتضيناها والتى أحيينا بها سمتاً توصل له كبار علماء السلف من أمتنا وقادة السياسة فيها لم نكن نحيط بمعناه يوم كان نهلنا من مدوناتهم وسيرهم هامشياً، ثم انبغى لنا مع التعمق وطول اللبث مع كلامهم والتأمل فى أفعالهم، وازداد وضوحاً باقتباس من المنهجية العملية التى توجه التطور المدنى العالمى الحالى.

ولذلك، فالمظنون أن هذه النظرية البسيطة ستؤدى إلى تجديد فى التخطيط الدعوى، وإلى إعادة توزيع الواجبات وتقاسم الأدوار، وإلى أساليب مستحدثة، وتفنن وابتكار، فى محاولة لاختصار بقية الوقت، وتقليل الجهد، مع الدخول إلى ساحات التأثير من المداخل الطبيعية الفطرية البريئة من التكلف والتمحل، بحيث لا يشعر الناس –إذ نقودهم- أننا نعاملهم من موطن فوقى أو عبر حق ندعيه ونحتكره دونهم، وإنما ندعهم يحسون أننا نحمل همومهم، ونتكلم بلغاتهم، ونتجانس مع عواطفهم، وندلى بالرأى لا بلهجة الأمر، وإنما بهيئة الناصح المشير الخبير، الذى ارتاد لقومه فأطلعته الريادة على ما لا يعلمون.
على أننا سنلمس أن الإقتراحات التى سنتهى إليها لا تنافى ما عليه عمل الدعوة الإسلامية اليوم، وإنما هى إضافة وتكميل ووضع خيارات جديدة فى الاستخدام، والأصل باق على ما هو عليه.
فوق التيار .. وفى أعلى الذرى

وتسميتنا لهذه النظرية بصناعة الحياة تعنى أننا ننظر إلى إدارة الحياة على أنها (صنعة) لها فنونها الخاصة، وتجودها الخبرة المكتسبة إذا تراكمت، كمن يشتغل حداداً فتجب عليه الإحاطة بخصائص الحديد، أو نجاراً فتلزمه معرفة أنواع الخشب.

فكذلك نحن، نريد تسيير الحياة كلها فى تيار واحد، بما فيها من بشر وعلاقات وأموال وعلوم وفنون، لنجعل هذا التيار يصب الوادى الإسلامى، فوجبت علينا معرفة خصائص البشر الفطرية وأسرار علاقاتهم. ولأننا نمارس (صنعة) فإن المهارة فيها تكون واجبة.

نحن فى تصرف وتغيير للموجود، والحداد قد يطرق قطعة الحديد فيؤلمها، من أجل أن يضيف إلى حوزة الحياة ألة منتجة، والنجار قد ينحت الخشب ويهدر منه الكثير من أجل الجمال، وكذلك الداعية مهندس الحياة.

لكنه صراع وتنافس، كمثل ما فى أى سوق: أيهم أسبق إلى الشارى، إذ الكافر يفعل ما يوازى فعلنا، وينطلق أيضاً من نظرية هادفة وتخطيط، ويضع هندسة مغايرة. وحين تكون الخطة الإسلامية واسعة شاملة فإن التأثير يتعدى توجيه الجيل الواحد، أو استثمار حفنة أموال، ليكون تأثيراً (حضارياً) يمتد إلى أجيال، ويضرب فى عمق الزمن ورحابه المكان، ولذلك تحتاج نتائجه هذه إلى مقدمات تناسبها تمتد ربما إلى عشرات السنين. وكذلك الخطة الكفرية أيضاً قد تؤدى إلى حضارة معاكسة تستولى، ويكون الكافر قد صبر على التقديم لها دهراً طويلاً.

قد نستطيع إيجاز الأمر بسؤال صيغته: كيف نمسك بزمام الحياة؟
ولعل من أبرز معانى جوابه التى ستتكفل هذه النظرية بالبرهنة عليها: أن الأمر يكون بأبعد من مجرد وصولنا إلى الحكم وتحقيق تفوق سياسى جزئى، وإنما الامساك بزمام الحياة يستدعى نزولاً إلى الساحة بأفق حضارى شامل، فيه إصلاح للأدب، وبناء للأقتصاد، وحيازة للمال، وسيطرة على العلوم، ونفاذ إلى مراكز القوة فى كل قطر على مدى عالمى.

فى الحياة طاقات كثيرة ومجاميع بشرية هائلة، وجعل هؤلاء البشر يؤدون واجب العبادة لله تعالى إنما يكون حين يعرف دعاة الإسلام كيف يكون علوهم على تيار الحياة ليمسكوا بزمامه، ومن ثم توظيفه لأداء هذه العبادة، وليس هو السير فى خضم التيار، بحيث تتقاذفنا أمواجه وينعدم اختيارنا، كما أنه ليس السير فى معاكسة التيار الهادر، بحيث يجرفنا بزخمه، وإنما هو الجرى معه أو بموازته بمستوى التفوق والعلو والاستواء.

وعلى الداعية المسلم أن يفهم هذه الطبيعة ذات البعد الحضارى لعمله وخطة دعوته، ليتهيأ لها بما يوازيها، نفساً: بالصبر، وأداءً: بالعلم، واستعانة : بالمال، ورمزاً : بأطياف الجمال .
ويؤكد هذا أننا نقبل اليوم على حقبة حياتية تمثل بدء الجولة الجديد للحضارة الإسلامية بعد قرون التخلف، ولقد كانت بلغت الأوج أولاً، ثم انحسرت تحت ضغط عوامل كثيرة، بيد أن هذه العوامل مهما تعددت لدى أهل التحليل والاستقراء فإن عامل النخر الداخلى يبقى أهمها وأظهرها تأثيراً، وهو درس يعظ صناع الحياة فى جولتهم الجديدة بوجوب المبالغة فى الوحدة ونبذ الفتن وأسباب الخلاف، وترتقى هذه الموعظة حتى تكون شرطاً لازماً لنجاح نظريتهم الحضارية فى صناعة الحياة .

لم يكن هولاكو بطلاً فى ساحة الحرب نقلته بطولته إلى التفوق بمقدار ما كان سباقاً إلى الاستفادة من عوامل الفوضى السياسية والترديات الأخلاقية أواخر الزمن العباسى وكذلك فى الجانب المعاكس أيام فتح القسطنطينية : أعان الجدل البيزنطى الفارغ وقلق البلاط الحاكم جيوش محمد الفاتح على الاقتحام.

ومن أصدق ما قاله مالك بن نبى : إن قبل قصة كل استعمار هناك قصة شعب خفيف يقبل الاستخذاء، وهو مثل ضربه رحمه الله يفسر ظواهر حيوية ودعوية كثيرة، وكما تبدأ تراجعات كل حضارة بالنخر لتخلى مكانها إلى حضارة منافسة، فإن الفتن هى المقدمة التى تجعل كل دعوى تغزى فى عقر دارها. وعندنا أن هذا إن لم يكن بميزان الرياضيات ابتداء فإنه يكون بميزان العقوبة الربانية، فيكل الله تعالى الدعاة إلى أنفسهم، فيعود منطق الرياضيات انتهاءً، ليس ثمة عون ربانى ينصر القليل على الكثير، بل الواحد لا يساوى إلا واحداً ، وتضبط الصراع الاحصاءات ومعادلات الحساب، ليس ثمة جهد تضاعفه البركة، ولا خطوة يطوى لها الزمن .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صانع حياة :الداعية (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قوم يا مصرى :: منتديات التنمية البشرية :: صناع الحياة-
انتقل الى: